متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة الأنبياء

صفحة 496 - الجزء 2

ومن سورة الأنبياء

  ٤٧١ - دلالة: وقوله تعالى: {ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ}⁣(⁣١)

  يدل على حدث القرآن؛ لأنه تعالى قد نص على أن الذكر محدث، وبين بغير آية أن الذكر هو القرآن، بقوله: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ}⁣(⁣٢) وقوله. {وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ}⁣(⁣٣). فإذا صح أنه ذكر، وثبت بهذه الآية حدوث الذكر، فقد وجب القول بحدوث القرآن.

  فإن قالوا: الوصف بالحدوث يرجع إلى قوله: {ما يَأْتِيهِمْ} لا إلى الذكر.

  قيل له: إن الذي يقتضيه الظاهر أن الذكر هو المحدث دون ما ذكرته، فلا يصح تعلقك به؛ لأنه جعله صفة للذكر، ثم قال: {إِلَّا اسْتَمَعُوهُ} فبين أن الذي يصح أن يسمع هو المختص بالحدث.

  وقد قال بعض الجهال: إن هذا القول يوجب أن في الأذكار ما ليس هذا حاله، وهذا جهل؛ لأنه تعالى إنما ذكر الذكر من حيث عقبه بما يعمله⁣(⁣٤) الكفار عند استماعه، فلذلك نكره، وخصه، لا لأن ما عداه ليس بحادث، ومتى صح في بعض الأذكار أنه محدث وجب مثله في سائره، لأن القرآن في هذا الحكم لا يجوز أن يتبعض، فيكون بعضه حادثا وبعضه قديما⁣(⁣٥).


(١) من الآية: ٢ وتتمتها: {إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ}.

(٢) من الآية: ٦٩ من سورة يس.

(٣) من الآية: ٥٠ من سورة الأنبياء.

(٤) في النسختين: يعلمه.

(٥) قال بعضهم في تأويل الآية، ردا على استدلال المعتزلة، إن معناها أن الذكر محدث إلينا «محدث إلى العباد» لا أنه في ذاته، محدث، قال ابن راهويه: «هو قديم من رب العزة، محدث إلى الأرض». وأنكر بعضهم أن يكون المراد بالذكر في الآية هو القرآن؛ لأن هذه اللفظة - فيما يذكر - تتصرف على وجوه، فقد تأتى بمعنى العلم؛ [فاسألوا =