متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة الحج

صفحة 506 - الجزء 2

ومن سورة الحج

  ٤٨٣ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى فيها ما يدل على أنه يضلّ من يتولاه ويجعله ضالا بعد الاهتداء، فقال: {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ}⁣[٤]

  والجواب عن ذلك: أن «الهاء» من «تولاه» ترجع إلى الشيطان الذي تقدم ذكره: {وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ}⁣(⁣١) وقال بعده: {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ} يعنى: الشيطان، {فَأَنَّهُ} يعنى: اللّه تعالى {يُضِلُّهُ}، لأنه استحقه باتباعه الشيطان وإقدامه على الكفر، والمراد بهذا الضلال هو العقوبة التي يستحقها على كفره وتوليه للشيطان واتباعه إياه.

  ٤٨٤ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى - بعده - ما يدل على أن الوطء الذي يكون منه⁣(⁣٢) العلوق من فعله وخلقه، وذلك يوجب في كل أفعال العباد مثله⁣(⁣٣)، فقال {وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ}⁣(⁣٤).

  والجواب عن ذلك: أن ظاهره إنما يقتضى أنه يقر في الأرحام ما يشاء، وليس فيه بيان ما يقره، فلا تعلق لهم به في أن الإنزال يجب أن يكون من فعله وخلقه، فأما ذكر الوطء في ذلك فيبعد من أن يذكر، لأن الذي فيه شبهة هو


(١) من - الآية: ٣.

(٢) ساقطة من د.

(٣) ساقطة من ف.

(٤) من الآية: ٥.