متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

الفصل الثاني متشابه القرآن

صفحة 58 - الجزء 1

  مثله⁣(⁣١))! والكتاب كله يقع في قريب من أربعين صفحة. وهو على كل حال ليس لأحد على التحقيق، وإنما هو من وضع بعض الحشوية عليه؛ قال الشيخ زاهد الكوبري، |: «وأما ما يعزى إلى الإمام أحمد من كتاب:

  «الرد على الجهمية والزنادقة ... فإنما أذيعت نسبته إليه في القرن الرابع الهجري برواية مجهولة، حتى إن الذهبي لا يعترف بصحة النسبة إليه، وإن عوّل عليه كثير من شيوخ متأخري الحشوية، وقد ذكرنا في سنده من العلل القادحة، وما في المتن، مما يجلّ مقدار أحمد عن القول به»⁣(⁣٢).

  وتغنينا هذه المقالة من الشيخ زاهد، وإن كنا في الواقع لم نرد أن نعنى بالتحقيق في صحة نسبة هذا الكتاب إلى الإمام أحمد |، لأن الأمثلة السابقة وحدها - فيما ترى - تكفى للدلالة على أن الكتاب مكذوب عليه. أو أن يكون مشبها حشوى العقيدة، وما نظن ذلك.

بين كتاب القاضي وكتب من فاخر عنه:

  أما أهم الكتب التي عرضت لتأويل الآيات المتشابهة بعد القاضي، فهي


(١) المصدر السابق، ص: ٣١.

(٢) تعليق للشيخ زاهد على كتاب (الاختلاف في اللفظ) لابن قتيبة؛ ص ٥٥. ويضاف إلى هذه الكتب كتاب آخر للأشعري ذكره ابن فورك، وهو يعدد كتب أبى الحسن التي ألفها بعد سنة عشرين وثلاثمائة، قال: (وكتاب في متشابه القرآن جمع فيه بين المعتزلة والملحدين فيما يطعنون به في متشابه الحديث)! وهذا هو نص العبارة كما وردت في (تبيين كذب المفترى) ص ١٣٥ - ولعله تناول فيه آيات الهدى والضلال والرؤية ونحو ذلك؛ على طريقته في كتاب الإبانة وغيره، وعلى عادته في العبارة الموجزة التي يظن أنها تحمل معنى الإلزام - وبدون اعتراض - لخصومه المعتزلة، الذين يحلو له دائما أن يجمعهم مع الملحدين، وتاريخهم في الذب عن الإسلام وقطع دابر الملحدين لا يجهل.

كما تحسن الإشارة هنا إلى أن أكثر الكتب التي تبحث في الفرق تخص موضوع المتشابه بفصل خاص، وإن كان كتاب أبى الحسين الملطي الشافعي من أسبق هذه الكتب وأكثرها موضوعية في تناول هذا البحث، وتأويل الآيات التي يشعر ظاهرها بالتعارض. انظر التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع لأبى الحسين محمد بن أحمد الملطي (ت ٣٧٧)، ص: ٥٨ - ٨٢،