ومن سورة النور
ومن سورة النور
  ٥٠٤ - دلالة. وقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ}[٢] يدل على ما نقوله في الوعيد، من جهات: أحدها:
  أن الزنا لو لم يكن كبيرة مزيلة لثواب فاعلها لم يكن ما يلزمه من الحد عقوبة له، وذلك يدل على أنه من أهل النار، لأنه لا يجوز أن يستحق العقوبة في الدنيا وما معه من الإيمان قد أزال عقاب الآخرة؛ لأن كل ما أزال العقاب يجب أن يزيل جميعه، كالتوبة، وكان يجب أن لا يحد إلا امتحانا! ولو كان كذلك لم يوصف حده بأنه عذاب، وكان يجب، لو لم يكن كذلك على جهة العقوبة، أن يجوز أن يرأف(١) به، فلما منع من ذلك و(٢) أوجب أن يستخف به، دل ذلك على بطلان هذا القول!
  ٥٠٥ - وقوله تعالى من بعد: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ}[٤] يدل على أن رمى المحصنات من الكبائر، على ما قدمناه.
  ويدل أيضا على أن فاعله فاسق إن لم يتب، وبين أن المؤمن التائب لا يكون فاسقا وإلا كان يجب، وإن تاب، أن يكون بهذه الصفة، وكان لا يصح لهذا الاستثناء معنى!
  ٥٠٦ - وقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[٥] يدل على أن المغفرة للتائب تختصه متى صلح واستقامت طريقته، ولو كان مرتكب الكبائر يجوز أن يغفر له لكانت التوبة في المغفرة كافية.
(١) د: يروق.
(٢) ساقطة من د.