ومن سورة النمل
ومن سورة النمل
  ٥٣٧ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى ما يدل على أنه يريد الكفر والمعاصي ويزينه، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ}[٤].
  والجواب عن ذلك: أنه لو كان المراد به ما يقتضيه الظاهر، لوجب أن يكون تعالى مزينا لما وقع من عملهم من الكفر، ولا يجوز ذلك عند أحد؛ لأنه تعالى نهى عنه وزجر عن فعله وقبّحه. وكان يجب على هذا أن يكون عملهم حسنا، لأن ما زينه اللّه لا يكون قبيحا.
  فإذن يجب أن يكون المراد به: أنه زين لهم ما كلفهم من الأعمال، ومن حيث كلفهم جاز أن يسميه عملا لهم. وقد ذكرنا «ذلك من قبل(١).
  ٥٣٨ - وأما قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ}[٦] [فإنه] يدل على حدثه، لأن القديم لا يصح وصفه بأنه يصدر من لدن الحكيم.
  ٥٣٩ - وقوله تعالى من بعد: {فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ}[٨] يدل على حدث النداء، لأن وقته حال المجيء، وذلك لا يصح من حال القديم!
  ٥٤٠ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى ما يدل على حسن تعذيب من لا يستحقه، فقال: {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ ٢٠ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً}[٢٠ - ٢١]، فإن قلتم إنه مستحق لذلك، لزمكم جواز تكليف الطيور، على ما يقوله كثير من أصحاب التناسخ!
(١) في الأصل: ذلك على حدثه من قبل. وانظر فيما تقدم الفقرة: ٢٢٥.