ومن سورة الزمر
ومن سورة الزمر
  ٦٣٢ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى فيها ما يدل على أنه لم يهد الكافرين فقال: {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ}[٣]
  والجواب عن ذلك قد تقدم، لأنا قد بينا أن الهدى قد يكون لغير معنى الدلالة، كما يراد به الدلالة(١). والمراد به في هذا الموضع أنه لا يهديه للثواب لأجل كفره وكذبه، أو لا يهديه بزيادات الهدى من حيث لم يهتد، ولذلك أورد الهدى بلفظ الاستقبال، وإن كان كاذبا كافرا في الحال.
  والذي ينبغي أن يعلم في هذا الباب: أنه تعالى متى نفى الهدى عمن وصفه بصفات الذم، فالواجب أن يكون محمولا على ما قلناه، من أنه لا يهديه إلى الثواب، ليصح تعلقه بما تقدم، ولهذا قال تعالى في السورة التي بعدها: {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ}(٢) وقال: {فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ}(٣) إلى غير ذلك. وهكذا القول في الضلال إذا علقه تعالى بين وصفه بالذم أو بالأفعال المقتضية للذم، في أنه يجب حمل الضلال على العقاب، وعلى الذهاب عن الثواب وطريقة. وهذا كقوله: {كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ}(٤)، {وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ}(٥)، {وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ}(٦).
(١) انظر الفقرة: ٢٢.
(٢) الآية ٢٨ من سورة غافر.
(٣) سورة النحل، الآية ٣٧.
(٤) سورة غافر، الآية ٣٤.
(٥) سورة إبراهيم، الآية ٢٧.
(٦) سورة البقرة، الآية ٢٦.