متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة فصلت

صفحة 602 - الجزء 2

ومن سورة فصلت

  ٦٥٩ - فصل: قد بينا أن قوله تعالى في وصف القرآن بأنه تنزيل، وبأنه قرآن، وبأن آياته فصّلت، وبأنه عربى، وبأنه بشير ونذير، وبأنه مسموع، يقتضى حدثه، فلا وجه لإعادته⁣(⁣١).

  ٦٦٠ - فأما قوله تعالى: {وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ}⁣[٥] فقد بينا أن المراد به التمثيل والتشبيه⁣(⁣٢). ولو كان المراد به التحقيق لكان عذرا لهم في الإعراض وترك ما كلفوا، ولما هددهم تعالى بقوله: {فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ}⁣(⁣٣).

  ٦٦١ - وأما قوله تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى}⁣[١٧] فقد بينا أنه يدل على أن الهدى بمعنى الدلالة والبيان لا بمعنى خلق الإيمان⁣(⁣٤)، لأنه وصفهم بأنه هداهم وإن كانوا كفارا، وبين أنهم استحبوا العمى على الهدى وإن كان قد هداهم. وهذا يوجب أن الهدى أمر يجوز أن يختار التمسك به وأن يستحب غيره عليه.

  ٦٦٢ - وأما قوله تعالى: {حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ}⁣[٢٠] فقد بينا الكلام في هذه الشهادة، وهل هي فعل للّه، أو فعل لهذه الجوارح، بما لا وجه لإعادته⁣(⁣٥).


(١) انظر الآيات: ١ - ٤ وراجع الفقرة ٤٧ مع التعليق.

(٢) انظر الفقرة ٢٠٦.

(٣) تتمة الآية الخامسة، ولا يبدو أنه من تهديد اللّه تعالى لهم؛ لأنه من قولهم الذي أرادوا به صدّ النبي - صلى اللّه عليه - وتيئيسه من إجابته لما يدعوهم إليه. انظر الآيات التالية.

(٤) انظر الفقرة ٢٢ مع ما ذكرناه هناك من التعليق المتصل بهذه الآية.

(٥) انظر الفقرة: ٥١١.