متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

مقدمة المؤلف

صفحة 1 - الجزء 1

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبّار بن أحمد الهمذاني]

مقدمة المؤلف

   وصلواته على نبيه

  ١ - مسألة: في كيفية الاستدلال بالقرآن على ما يدل عليه.

  اعلم أن كل فعل لا تعلم صحته ولا وجه دلالته إلا بعد أن يعرف حال فاعله، «ولا يمكن⁣(⁣١) أن يستدل به على إثبات فاعله ولا على صفاته، وإنما يمكن أن يستدل به على ما سوى ذلك من الأحكام، لأنه إن دل على حال فاعله، ولا يعلم صحته إلا وقد علم فاعله؛ أدى ذلك إلى أنه لا يدل عليه إلا بعد المعرفة به، ومتى علم الشيء استغنى عن الدلالة عليه!

  ويبطل ذلك من وجه آخر: وهو أنه يؤدى إلى أن لا تعلم صحة القرآن إلا بعد معرفة اللّه تعالى، ولا يعرف تعالى إلا بعد معرفة القرآن، وذلك يوجب أن يدل كل واحد منهما على ما عليه، وأن يكون دليلا على نفسه!

  فإن قال: ومن أين أنّ صحة القرآن لا تعلم إلا بعد معرفة اللّه؟

  قيل له: لأن الخبر لا يعلم بصيغته أنه صدق أو كذب «حتى إذا علم حال المخبر صح أن نعلم ذلك⁣(⁣٢)» وقد علمنا أن ما أخبر جل وعزّ عنه في القرآن لم يتقدم لنا العلم بحال مخبره، فيجب أن لا يعلم أنه صدق إلا بعد العلم بحال المخبر وأنه حكيم. والقول في الأمر والنهى كالقول في الخبر.

  فان قال: ومن أين أن وجه دلالته لا تعلم إلا بعد معرفة اللّه تعالى؟


(١) في الأصل: لمن

(٢) عبارة الأصل: «حتى إذا علم حال المخبر به إذ حال المخبر يصح أن نعلم ذلك»