متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة التغابن

صفحة 655 - الجزء 2

ومن سورة التغابن

  ٧٧٤ - أما قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ}⁣[٢] فإنه لا يدل على أنه خلق الكافر كافرا، والمؤمن مؤمنا؛ لأن ظاهره يقتضى أنه خلقهم، وذلك يقتضى خلقه لأجسامهم، ثم قسمهم قسمين على الوجه الذي ذكره، وليس فيه أن ما صار به المؤمن مؤمنا، والكافر كافرا من خلقه تعالى.

  وقد قال أبو علي، |: لو كان كما قالوا، لقال: فمنكم كافرا ومنكم مؤمنا، بالنصب، فلما ذكر - تعالى - بالرفع دل على أن الإيمان من فعلهم، لا من خلق اللّه فيهم!

  ٧٧٥ - وقوله: {خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ}⁣[٣] فإنه يدل على العدل؛ من حيث بين أنه خلقها بالحق. وقد بينا أنه لو جاز أن يفعل القبيح، لما صح أن يثبت ذلك، ولما صح أيضا أن يكون قد أحسن الصورة وفعلها على وجه تحسن عليه. فالآية تدل على تنزيهه عن القبيح.

  ٧٧٦ - وقال أبو علي، |: وصفه تعالى ذلك اليوم، وهو يوم القيامة، بأنه⁣(⁣١) يوم التغابن⁣(⁣٢)، إنما يصح على قولنا في العدل، وذلك ينبئ أنهم صاروا مغبونين. وأن من فاز وظفر بالجنة، فهو غابن لهم، وذلك لا يصح


(١) في الأصل: لأنه.

(٢) قال تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ ...} الآية: ٩.