متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة الملك

صفحة 661 - الجزء 2

ومن سورة الملك

  ٧٨٥ - قوله: {ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ}⁣[٣] يدل على نفى القبائح عن خلقه؛ لأنه لو كان هو الخالق لها، وفيها توحيد وتشبيه وتثليث، لكان ذلك متفاوتا. وفيها عبادة اللّه وعبادة غيره، والحكمة والصواب، والسفه والباطل. ولا تفاوت أعظم مما اختص به ذلك، فيجب أن يدل على أنه ليس من خلقه تعالى على وجه.

  وليس لأحد أن يقول: المراد بذلك أنه لا تفاوت فيما خلقه من السماوات، لأن حمله على ظاهره يمكن ويفيد. فلا يجب تعليقه بما تقدم⁣(⁣١). وإن كان لو حمل على ذلك لوجب ما قلناه أيضا، لأن نفى التفاوت، في باب الحكمة والسفه، عن شيء من أفعاله، لا يصح إلا مع القول بأنه منزه عن القبائح.

  ٧٨٦ - وتعلقهم بقوله: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ١٣ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ}⁣[١٣ - ١٤] في أنه يدل على أنه خلق ما في الصدور، فبعيد، وذلك أن ظاهره لا يدل إلا على أنه خلق ما تقدم ذكره، وكما تقدم ذكر ذات الصدور، فقد تقدم ذكر الصدور بنفسها، فمن أين أن المراد به أحدهما دون الآخر؟

  وبعد، فإن حمله على ما قالوه يوجب أنه خلق ما في الصدور من القول؛ وقد علمنا أن ذلك لا حقيقة له! ومتى قال: المراد به العلم بالقول، فقد خرج عن الظاهر!


(١) الآية - ٣ بتمامها: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ}.