متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة نوح

صفحة 667 - الجزء 2

ومن سورة نوح

  ٧٩٩ - قوله تعالى: {ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً}⁣[١٣] لا يدل على أنه جسم يوصف بالوقار في الحقيقة؛ لأنه ليس في الظاهر أن الوقار من صفته، فيجوز لهم التعلق به.

  والمراد عندنا بذلك: ما لكم لا تعظّمون اللّه حق تعظيمه، فتجانبوا معاصيه، وتمسّكوا بطاعته.

  ٨٠٠ - وقوله تعالى: {وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالًا}⁣[٢٤] لا يدل على أن الضلال الذي هو الكفر، من قبله تعالى، لأنا قد بينا أن هذه اللفظة تقع محتملة⁣(⁣١)، فلا تدل على أنه المراد بها، وإنما أراد بهذا الدعاء أن يزيدهم عقابا إلى ما هو عليه من المحن، لأنهم بظلمهم وكفرهم، قد استوجبوا العقاب المعجّل، والمؤجّل ولا يمتنع أن يدعوه بأن يزيدهم في المعجل غير ما أنزله بهم، ولا يكون المدعو به إلا حسنا مستحقا.

  ٨٠١ - وقوله تعالى: {إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً}⁣[٢٧] لا يصح أن يتعلق به من يرى جواز تعذيب الأطفال؛ لأنه يجب على هذا الظاهر أن يكون المولود منهم في حال سقوطه فاجرا كافرا، وهذا مما لا يبلغه أحد، فالمراد إذن به: ولا يلدوا إلا من سيفجر ويكفر عند البلوغ، لأنه تعالى كان قد أعلمه أن ذلك يكون حال ذريتهم، وندبه إلى هذا الدعاء، لما فيه من المصلحة.


(١) انظر الفقرة: ٢٢.