ومن عم يتساءلون
ومن عم يتساءلون
  ٨٢٢ - قوله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً}[٢٩] قد علمنا أنه تعالى لم يرد به أنه يعلم ما يأتيه العبد بالكتابة، لأنه عالم لذاته، لا تخفى عليه خافية، وإنما أمر بالكتاب، وإثبات عمل العبد فيه، لكي يعلمه المكلف في دار الدنيا، ويوقن أنه لا يقدم على سيئة إلا وتثبت في الصحيفة. وتنشر في الموقف وقد جمع الخلائق فيه، فيدعوه ذلك إلى الكف عن المعاصي. فلو كانت مخلوقة فيه، على ما يقوله القوم، لم يصح في ذلك وأمثاله أن يكون لطفا وداعيا إلى الطاعة وزاجرا عن المعصية!
  ٨٢٣ - وقوله تعالى: {ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً}[٣٩] يدل على أنه لا يجزى في ذلك اليوم إلا العدل. وأن من يعذّب فبحق عذّب. ولا يصح ذلك إلا على ما بيناه من قبل(١).
  وقوله تعالى: {فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً} هو ترغيب للإنسان في أن يتخذ لنفسه مرجعا يرجع فيه إلى المنافع والثواب. وهذا ترغيب لا يصح إلا مع القول بأن المكلف قادر على الطاعة وإن ذهب عنها، لتمكنه أن يظفر بطلبته في المرجع الذي ذكر تعالى.
  * * *
(١) انظر الفقرة: ٢٤٩.