متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة الفجر

صفحة 689 - الجزء 2

ومن سورة الفجر

  ٨٤٦ - قوله تعالى: {وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا}⁣[٢٢] لا يدل على صحة ما يتعلق المشبهة به، في أنه تعالى كالواحد منا، في أنه يجيء ويذهب! ولو كان كذلك لكان محدثا مدبرا مصورا!

  والمراد بذلك: وجاء أمر ربك، أو متحملو أمر ربك للمحاسبة والفصل، على ما يقال في اللغة عند التنازع في الأمر الذي يرجع فيه إلى بعض الكتب: إذا جاء الشافعي⁣(⁣١) فقد كفانا، ويراد بذلك كتابه، وإذا جاء الخليل⁣(⁣٢) في العروض انقطع الكلام، والمراد به كلامه في ذلك.

  ٨٤٧ - وقوله: {يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى ٢٣ يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي ٢٤}⁣[٢٣ - ٢٤] فإنه يدل على العدل، من وجهين: أحدهما أنه تعالى بعث الكفار والعصاة بهذا الخبر على الطاعة، وذلك لا يصح إلا مع التمكن منها.

  والثاني: أن الكافرين يوم القيامة لا يجوز أن يقولوا: {يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي} وهو لم يكن قادرا على الأمر الذي تأسف عليه! كما لا يجوز أن يقول:

  يا ليتني كنت خلقت الأجسام، أو تحركت في الجو!


(١) الإمام محمد بن إدريس الشافعي القرشي المطلبي، أبو عبد اللّه إمام المذهب، واضع علم أصول الفقه. ولد في غزة سنة (١٥٠) وتوفى في مصر سنة (٢٠٤) كان بارعا في الفقه واللغة والحديث، قال فيه ابن حنبل: (ما أحد ممن بيده محبرة أو ورق إلا وللشافعي في رقبته منّة، من تصانيفه المشهورة: الام، المسند، أحكام القرآن، الرسالة. وقد كتب عنه عشرات الكتب في القديم والحديث، وفي طبقات الشافعية للسبكي بعض ما صنف في مناقبه.

انظر طبقات الشافعية: ١/ ١٨٥ والبداية والنهاية: ١٠/ ٢٥١. تاريخ بغداد: ٢/ ٥٦.

وانظر كتاب (الشافعي) لأستاذنا الشيخ محمد أبو زهرة. طبع مصر.

(٢) هو الخليل بن أحمد الفراهيدى الأزدي، ولد بالبصرة سنة (١٠٠) وتوفى بها سنة (١٧٠) من أئمة اللغة والأدب، وواضع علم العروض، كان من كبار العلماء بالموسيقى. قال فيه النضر بن شميل: (ما رأى الراءون مثل الخليل، ولا رأى الخليل مثل نفسه). له كتاب العين؛ في اللغة، ومعاني الحروف، وكتاب العروض، وغيرها.

انظر وفيات الأعيان: ١/ ١٧٢. إنباه الرواة: ١/ ٣٤١. الأعلام: ٢/ ٣٦٣.