متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة لم يكن

صفحة 698 - الجزء 2

ومن سورة لم يكن

  ٨٦٤ - قوله تعالى: {وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ}⁣[٥] يدل على أنه تعالى أراد بأمر جميعهم وبتكليفهم أن يعبدوه، وقد دخل في ذلك الكافر والمؤمن. وهذا في باب الدلالة على ما قلناه أقرب من قوله: {وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}⁣(⁣١) لأن هناك ذكر الخلق دون الأمر والتكليف، وقد يخلق تعالى لا للعبادة، ولا يأمر ويكلف إلا للعبادة.

  ٨٦٥ - وقوله تعالى: {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} يدل أيضا على قولنا في العدل؛ لأن إخلاص العبادة له هو أن يقصد العبد بما يفعله من الطاعة عبادته؛ لا يتخذ معه في ذلك شريكا، فيكون عابدا له وحده، وهذا يقتضى أنه قادر على أن يفعل العبادة على وجه الإخلاص، وعلى خلافه.

  ٨٦٦ - وقوله تعالى: {حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}⁣[٥] يدل على أن جميع ذلك دين، وقد دل تعالى أن الإسلام هو الدين بقوله: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ}⁣(⁣٢) وذلك يوجب أن الدين والإسلام: هما سائر الواجبات والطاعات، وكذلك الإيمان، لأنه تعالى قد بين بقوله: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}⁣(⁣٣) [و] دل على أن الإيمان هو الإسلام، لأنه لو كان غيره، لم يقبل منه، وذلك فاسد.


(١) الآية: ٥٦ من سورة الذاريات.

(٢) الآية ١٩ من سورة آل عمران.

(٣) الآية: ٨٥ من سورة آل عمران.