ومن سورة تبت
ومن سورة تبت
  ٨٨٢ - قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ١ ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ}[١ - ٢] أحد ما استدل به الشيوخ في أن القرآن محدث، وذلك أنه لو كان قديما لكان قائلا لم يزل: {تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}، وقد علمنا أن ذلك لا يصح، ولما خلق ولا وقع منه ما يوجب الذم والخسران!
  ٨٨٣ - وقوله: {سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ}[٣] لا يدل على أنه ممنوع بهذا الخبر من الإيمان، من حيث عرف أنه سيصلى النار، وأن يموت على الكفر، وذلك أنه ليس في الظاهر ما ادعوه، وإنما فيه أنه يصلاها، وقد يجوز أن يظن في كل وقت أنه لو آمن لنفعه، أو يذهب ذلك عن قلبه. وقد يجوز أيضا أن يكون الخبر مما لا يعرف به مخبره مع كفره، لأنه إنما يستدل بذلك من عرف أن القرآن حق.
  ولو علم؟ القوم ما قالوه لم يمتنع، لأن علمه تعالى وخبره لا يخرجه من كونه قادرا على الكفر والإيمان، وإنما أتى من قبل نفسه في أن لا يؤمن ويكفر، فيخبر عنه بما يحصل عليه، ويعلم كذلك(١)، ففارق بهذا القول قول القوم في أن العبد لا قدرة له على الإيمان «وفيه ما يمنع منهما(٢): من قدرة الكفر والكفر، لأن في هذا الوجه يجب أن يكون قد أتى الكفر من قبله تعالى لا من قبل نفسه.
(١) في الأصل: وكذلك.
(٢) لعل صواب العبارة: وأنه خلق فيه ما يمنع منه.