ومن سورة الفلق
ومن سورة الفلق
  ٨٨٧ - قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ١ مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ}[١ - ٢] لا يصح أن يتعلق به في أنه تعالى يفعل الشرّ والمعاصي؛ لأن المراد بالآية التعويذ به من شر ما خلقه من المؤذيات، كالحيات والعقارب وغيرها. وما لم يحمل على هذا الوجه يتناقض الكلام، ويصير كأنه قال تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} من شره! وإنما يجوز أن يستعاذ به من شر غيره، ولذلك عطف عليه بشر ما خلقه، فقال: {وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ ٣ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ ٤}[٣ - ٤] وهذا القول لا يدل على أن النفاثات في العقد، اللاتي كن يعقدن على الخيوط وينفثن عليه، كنّ ضارّات بالناس، على غير الوجه الذي يصح من أحدنا أن يحتال فيه من أنواع المضرة؛ على ما تقوله الحشوية في أنهن كن يسحرن، وأنهن سحرن رسول اللّه، صلى اللّه عليه، وذلك أن ظاهره إنما يقتضى ما قلناه، لكنهن لما أوهمن بذلك الفعل ضروبا من الاحتيال فيما لا يصح منهن، جاز أن يظن الناس فيهن المضرة العظيمة، فأمر تعالى بالاستعاذة من شرهن، كما أمر بالاستعاذة من شر الحاسد! فلا يدل ذلك على أن للعبد سبيلا إلى ما يذكرونه في السحر.
  * * *