897 - مسألة فيما ذكرناه من أنواع اللطف
  فهذا الباب مما عدمه لا يوجب قبح التكليف، والذي يوجب قبحه فقد التمكن منه. وهذا كنحو الشرائع التي كلفناها، لأنا مكنا منها وأوجد السبيل إليها، فإن لم نفعلها ولم نختر لأجل ذلك سائر ما كلفناه عقلا، فمن قبل أنفسنا أتينا.
  وهذا الوجه هو الذي إنما يكون لطفا بأن يقع من المكلف على وجه مخصوص، لا يتم إلا بالخضوع والتذليل وضروب من المفاصيل. لأن ما يفعل منه من ذلك لا يتم إلا بأن يباشر فعله في الوجه الذي ذكرناه، فيصير من حيث يقع من فعله، كأنه مخالف لما يقع من فعل غيره، في الوجه الذي ذكرناه.
  وأما ما يكون لطفا من فعل غير المكلف والمكلف، فالقديم تعالى لا بد من أن يمكنه، ولا بد من أن يكون العموم من حاله أنه سيفعله لا محالة، ومتى لم يكن كذلك لم يتم اللطف. وقبح التكليف. وهذا نحو تعبد اللّه تعالى للأنبياء $ لأداء الرسالة، لأن ذلك إنما يحسن لأنه لطف، فمتى ما لم يعلم من حالهم أنهم سيقومون بالأداء على الوجه الذي كلفوا، لم يحسن من اللّه تعالى أن يكلف من بعثهم إليه لطفا له ومصلحة.
  فعلى هذا الوجه يجب أن يجرى هذا الباب. ولا رابع لها البتة.
٨٩٧ - مسألة فيما ذكرناه من أنواع اللطف
  اعلم أن في جملة الألطاف التي نذكرها ما لا نقطع من حاله أن عنده يختار المكلف الفعل لا محالة، لكنه متى خاف المكلف عنده من عقاب إن هو لم يفعل ما كلفه، يصير حكمه، بحصول أخوف، حكم اللطف في الحقيقة. وهذا بمنزلة ما نقوله من أن معرفة اللّه تعالى لطف للمكلفين، لأن(١) عندها يعرف الثواب
(١) في الأصل: أن.