من كتاب الحدود
  دلَّ على أن من سرق ثمراً من شجرة أو فواكه غير مقطوعة أنه لا قطع عليه سواء كان من حرز أو من غير حرز. وذهب الشافعي إلى أنه يقطع في ذلك، وقال أبو حنيفة: لا يقطع في الفواكه الرطبة واللحم وكلما يسرع فيه الفساد وفي الخشب إلا الساج، وروي عنه أيضاً القطع في جميع ما ذكرناه.
  وجه قولنا: قول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا ...}[المائدة: ٣٨] الآية، فأوجبت الآية العموم في جميع ما يتملك ويكون له قيمة، وقول النبي ÷: «لا تقطع يد إلا فيما يبلغ ثمن المجنَّ» ولم يخص جنساً من جنس من الأموال.
  فإن قيل: روي عن عائشة أنها قالت: لم تكن اليد تقطع على عهد رسول الله ÷ في الشيء التافه اليسير.
  قلنا: كذلك نقول، ونعتبر أن يكون فيه ما تقطع فيه عشرة دراهم، ولا خلاف في الفواكه اليابسة وخشب الساج، فكذلك ما اختلفنا فيه.
  فإن قيل: روي عن النبي ÷ أنه قال: «لا قطع في طعام».
  قلنا: إن صح الخبر كان خاصاً لما ذكرنا من التافه الذي لا يبلغ قيمته عشرة دراهم، ويحتمل أن يكون المراد به الثمار المتعلقة بالأشجار(١)، وقال أبو يوسف: يقطع في كل شيء إلا التراب
(١) في (أ): على الأشجار.