من كتاب الديات
  ويأخذ من الباقين للمقتص منه قسطهم من الدية، وعن مالك لا يقتلون. والأصل في ذلك قول الله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أو فَسَادٍ فِي الأَْرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}[المائدة: ٣٢] والمراد بالآية الحكم؛ لأن قاتل واحد لا يكون مثل قاتل جماعة في الإثم.
  فإن قيل: روي عن ابن الزبير أنه لم ير قتل الجماعة بالواحد.
  قلنا: وقد روي عنه خلافه، وقد روي أن جماعة اجتمعوا على قتل واحد فأراد قتلهم به فمنعه معاوية، وأما إيجاب الديات في العامدين بعدد القاتلين فإن الدية بدل الدم وقد استحق ولي الدم دم كل واحد من القاتلين فكذلك يستحق ديته إذا اعفي عنه، ولا خلاف في أن جماعة لو اجتمعوا على قتل رجل خطأ أن عليهم دية واحدة.
  ٢٢١٠ - خبر: وعن النبي ÷ أنه قال: «من أصيب فقتل أو خبل فإنه يختار إحدى ثلاث إما أن يقتص أو يعفو أو أن يأخذ الدية»(١).
  دلّ على أن لولي الدم الخيار بين أن يطالب في الدم أو يطالب في الدية، أو يصالح بفوق الدية أو بدونها. وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: ليس لولي الدم إلا القصاص أو العفو ولا سبيل له إلى الدية، والأصل فيما قلنا قول الله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ}[البقرة: ١٧٨] فتبين أن بعد العفو ما طلبه وذلك هو الدية، وقوله: (ذلك تخفيف من ربكم) معناه على ما روي أن بني إسرائيل لم
(١) شرح التجريد للإمام المؤيد بالله (خ)، شرح معاني الآثار: ج ٣/ ١٧٤ - ١٧٥، برقم (٤٩٩٣) بلفظ: «من أصيب بدم أو بخبل ...».