من كتاب القضاء والأحكام
  يحكم في العقود على وجهين قد يحكم بالإيقاع وقد يحكم بالوقوع، فما حكم فيه بالإيقاع فهو الذي يجب أن يكون ظاهره كباطنه لأنه في الحقيقة هو الموقع وذلك كإيقاعه الفسخ بعد اللعان، وكإيقاعه عقد البيع على مال المفلس في الظاهر، وإن كانت الحال في الباطن بخلاف ذلك عندنا، وكإيقاعه البيع والشراء على مال اليتيم إذا احتاج إليه في الظاهر، ويستوي في هذا الباب ما هو إيقاع العقد وفسخه وما هو إيقاع التمليك، ألا ترى، أنه يحكم بتمليك الشفيع وإيجاب الدية على العواقل، و الوجه الثاني وهو الذي فيه الخلاف وهو أن يحكم بثبوت وقوع العقد أو بثبوت حصول الفسخ وما جرى مجرى هذا لا يجب أن يكون حكمه في الباطن كحكمه في الظاهر.
  وجه قولنا: قول الله تعالى: {وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ}[البقرة: ١٨٨] وهذا يوجب أن من ادعى بيعاً أو شراء وهو يعلم أنهما لم يقعا، لم يحل له التصرف في البيع والشراء.
  فإن قيل: روي عن النبي ÷ أنه قال في شأن هلال بن أمية حين لاعن بينه وبين امرأته وفرق بينهما: «إن أتت بولد على صفة كذا وكذا فهو [لهلال بن أمية وإن جاءت به على صفة كذا](١) فهو لشريك بن سمحاء»، فجاءت به على الصفة المكروهة فقال: «لولا ما سبق من كتاب الله لكان لي ولها شأن» فدل قوله ÷ على صدق هلال
(١) ما بين القوسين ساقط في (أ).