أصول الأحكام الجامع لأدلة الحلال والحرام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

من كتاب الصيد والذبائح

صفحة 1371 - الجزء 1

  وبه قال أبو حنيفة، وحكي عن الشافعي مثل ذلك، وحكى عن مالك، أنه قال: لا بأس بها، ولا خلاف في أن المضطر يجوز له الأكل من الميتة، واختلفوا في مقدار ذلك، فعندنا أنه يجوز له مقدار ما يقيم به نفسه دون الشبع، فإنه إذا قارب الشبع يكون قد زال الاضطرار، فإن تناول منها شيئاً بعد ذلك كان حراماً، لأنه قد زال عنه العارض الذي لأجله أبيح له أكلها، وبه قال أبو حنيفة، وهو أحد قولي الشافعي، وقوله الثاني: أنه لا يأكل منها إلا مقدار ما يمسك به الرمق، وهذا بعيد، لأن الله تعالى أباح له ذلك ما دام الاضطرار قائماً، والأصل في ذلك قول الله تعالى، بعد ذكر تحريم أكل الميتة والخنزير: {فَمَنْ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ}⁣[المائدة: ٣] وقوله ø: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}⁣[الأنعام: ١١٩] الآية، ومقدار ما يقيم الرمق، لا يزيل الاضطرار، وقول الله تعالى: {غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ}⁣[البقرة: ١٧٣] المراد به لا يكون زائداً على⁣(⁣١) ما يقيم به نفسه، ولامتلذذاً بأكلها، وبه قال أبو حنيفة، وقال الشافعي: المراد به ألا يكون سفره سفر بغي، ولا عدوان، ومعصية.


= ١/ ٦١٢، بلفظ: نهى عن ركوب الجلالة في: صحيح ابن خزيمة: ٤/ ١٤٦، المستدرك على الصحيحين: ٢/ ١١٢، وسنن البيهقي الكبرى: ٥/ ٢٥٤، وسنن أبي داود: ٣/ ٣٣٦، وورد بلفظ: عن لبن الجلالة في المنتقى لابن الجارود: ١/ ٢٢٣، صحيح ابن حبان: ١٢/ ٢٢٠، سنن أبي داود: ٣/ ٣٥١، مسند أحمد: ١/ ٢٢٦، ٢٩٣.

(١) في (أ، ب، ج): على مقدار.