من باب كتاب السير وما يلزم الإمام للأمة ويلزم الأمة للإمام
  دلَّ على أن الكفار لا يقتصر بهم على إظهار الشهادتين حتى يظهروا الدخول في الإسلام والتبري من سائر الأديان، وذلك أن منهم من يشهد أن لا إله إلا الله ويقول أن محمداً رسول الله إلى العرب خاصة، وقد حكي عن طائفة من اليهود مثل ذلك، وسمعت عن رجل منهم مثل ذلك مع تشدده على دينه وامتناعه عن الخروج منه، وبمثل قولنا قال أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد.
  فإن قيل: روي أن رسول اللّه ÷ قال لعلي # حين أعطاه الراية ووجهه إلى خيبر: «قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا اللّه وأن محمداً رسول الله فإذا فعلوا ذلك(١) منعوا منك دماءهم وأموالهم، إلا بحقها، وحسابهم على اللّه»(٢).
  قلنا: المراد به إذا ضام الشهادتين تمام الإسلام، كما روي أنه ÷ قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قالها عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله»(٣)، فلما كان المراد
(١) في (أ): بدون ذلك.
(٢) شرح التجريد (خ) للإمام المؤيد بالله #، مسلم: ٤/ ١٨٧١، صحيح ابن حبان: ١٥/ ٣٧٩، السنن الكبرى: ٥/ ١١٠، ١١١، شعب الإيمان: ١/ ٨٨، شرح معاني الآثار: ج ٣/ ٢١٤، برقم (٥١٢٣).
(٣) شرح التجريد (خ) للإمام المؤيد بالله #، مسلم: ١/ ٥٢، ٥٣، سنن البيهقي الكبرى: ٨/ ١٧٦، السنن الكبرى: ٢/ ٢٨٠، ٣/ ٥، مصنف ابن أبي شيبة: ٦/ ٤٨٠، المعجم الكبير: ٨/ ٣١٨، جامع العلوم والحكم: ١/ ٨٣، شرح معاني الآثار: ج ٣/ ٢١٣، برقم (٥١١٧).