أصول الأحكام الجامع لأدلة الحلال والحرام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

من كتاب الصلاة وباب الأذان

صفحة 164 - الجزء 1

  لنا: وهذا يحتمل أن يكون عنى الوقت الذي لا تشترك فيه الصلاتان، وللظهر والعصر ثلاثة أوقات، وقت يختص الظهر به، وهو قدر أربع ركعات عند أول زوال الشمس، لا تجزي فيه صلاة العصر، ووقت تختص العصر به وهو قدر أربع ركعات في آخر وقت العصر، لا تجزي فيه صلاة الظهر، ووقت يشتركان فيه وهو ما بين هذين الوقتين، والأخبار المتقدمة تدل على هذا، فدَلَّ على أن التفريط هو ترك الصلاة إلى وقت يختص بالأخرى.

  واستدل من يقول إن أول العصر حين يصير ظل كل شيء مثليه بما روي عن ابن عمر، قال: قال رسول الله ÷: «إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم كما بين صلاة العصر إلى مغرب الشمس، وإنما مثلكم ومثل أهل الكتاب⁣(⁣١) من قبلكم، كمثل رجل استعمل رجلا عمالاً فقال: من يعمل إلى نصف النهار بقيراط، فعملت اليهود. ثم قال: من يعمل إلى صلاة العصر بقيراط، فعملت النصارى على ذلك، ثم أنتم الذين تعملون من صلاة العصر إلى مغرب الشمس بقيراطين، فغضبت اليهود والنصارى وقالوا: نحن أكثر أعمالا وأقل عطاء»⁣(⁣٢)، وقالوا: هذا يدل على أن وقت العصر أقل من وقت الظهر، وقالوا: تعليمه الأوقات في اليوم الثاني نسخ للأوقات في اليوم الأول.

  قلنا: أما تعليمه فقد علمه جبريل، وعلم هو السائل، فلو كان


(١) في (ب، ج) الكتابين.

(٢) أخرجه المؤيد بالله في شرح التجريد (خ)، والبخاري برقم (٤٦٣٣) كتاب فضائل القرآن، بزيادة (قال هل ظلمتكم من حقكم؟ قالوا: لا، قال: فذا فضلي أوتيه من شئت) وورد في الجامع لمعمر بن راشد: ١١/ ٢٩٠، ١١/ ٤٢٨.