من كتاب الصلاة وباب الأذان
  لنا: إن أمير المؤمنين # قائم في مقام رسول الله ÷، ولايصح أن يجتهد من نفسه شيئاً لم يعاينه من النبي ÷، وكذلك [الصحابي] عند من لم يعترف له بالوصاه(١)، فليس هذا موضع اجتهاد لأن النبي ÷ قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي» وعلي # أعرف الناس بصلاة النبي ÷.
  ومما يدل على صحة ما ذهبنا إليه أن التسبيح في الركوع والسجود أفضل من القراءة ولا خلاف فيه، وأنه مخافت به في جميع الأحوال، فكذلك هذا قد أجمعت الأمة على المخافتة بما يفعل في هذه الركعات، وقد ثبت أن النبي ÷ خافت بالقراءة في مواضع، وهو الظهر والعصر جميعاً، وجهر بها في المغرب والعشاء والفجر جميعا بالإجماع، وهو السبيل الذي أمره الله بابتغائه حيث قال: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ ولاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً}[الإسراء: ١١٠] ولاحجة للشافعي غير قول الله تبارك وتعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ}[المزمل: ٢٠]، وقول رسول الله ÷: «كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج»(٢). وليس له في الآية ولا في الرواية حجة على ما ذهب إليه، لأنه إذا قرأ في ركعة واحدة فقد قرأ في صلاته، فلو قال ÷: كل ركعة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي
(١) كذا في النسخ وفي شرح التجريد: الأمر الذي لا مجال فيه للاجتهاد ولا يجوز أن يعمل به الصحابي إذا أحسن الظن به إلا بنص عن النبي ÷.
(٢) أخرجه المؤيد بالله في شرح التجريد (خ) ومسلم برقم (٥٩٨) كتاب الصلاة، والترمذي برقم (٢٣٠) كتاب الصلاة، وابن ماجة برقم (٨٣٢) كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها.