أصول الأحكام الجامع لأدلة الحلال والحرام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

ترجمة المؤلف

صفحة 41 - الجزء 1

  عنها: (ومن أيامه المحجلة الحسان يوم قصد زبيد في سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة، فلما وصلها # أقام فيها ثمانية أيام، وكان أميرها يومئذ فاتك بن محمد بن جياش، وكان فاسقاً خبيثاً يغلب عليه الخنا والفساد في نفسه، حتى روي أنه كان له بريمان في بطنه كالمرأة، فعني الإمام # في هلاكه بعد بذل مال جليل في سلامته فأقسم بالله لو أعطى ملك زبيد كله ما أفداه، وذلك أنه قتله حداً، قول النبي ÷: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوه» فراوده أصحابه على أخذ المال، وقالوا إنه لبيت المال، فقال: قد نزهت نفسي عن الطمع عند أهل زبيد، وقد كنت قلت لهم: إني لا أسألكم عليه شيئاً وتلوت قول الله سبحانه وتعالى: {قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ}⁣[سبأ: ٤٧]، ثم نهض بهم، وكان القواد يعطون العساكر كفايتهم، فقال الإمام: أما أنا فلا أقبض منكم شيئاً كفاية ولا غيرها، وكان معه ومع أصحابه زاد، فلما فرغ الزاد كان يأمر من يشتري له الطعام ويأمر من يطحنه، وكانت حاشيته مقدار ستين رجلاً وولَّى على زبيد والياً من جهته، وعاد مُسلَّماً منصوراً قد أرضَى الله سبحانه عز وعلا، ولم يزل # في جهاد بعد جهاد وجلاد عقب جلاد، حتى أشمخ الحق قباباً، ومدَّ له أطناباً، وشيَّد للإسلام في الأرض العز بنياناً، وأعلى له أركاناً، وكانت كثير من وقعاته على الباطنية الملحدة أقماهم الله تعالى حتى دمرهم تدميرا، وأنزل بهم ويلاً وثبورا، بعد أن كانت قد تسعرت نارُهم، وسطع شرارهم، فطمس الله بحميد سعيه # ربوعهم، وفرّق جموعهم، وكانوا بين قتيل وطريد تصديقاً لقول النبي ÷: «إن عند كل بدعة تكون من