من باب الحج عن الميت
  عن أبيك»(١).
  دلت هذه الأخبار على جواز الحج عن الميت والاستيجار له إذا أوصى بذلك، فإن لم يوص به فهموا للحي دون الميت، وهو يخرج من الثلث لأن وجوبه يتعلق بالبدن كالصلاة والصوم، وليس كذلك الزكاة وسائر الديون لأنها تتعلق بالمال، وذهب قوم إلى أن الحج للميت، وإن لم يوص به، واستدلوا بعموم الخبر، وبقول الله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ}[النساء: ١٢] وقد شبهه رسول الله ÷ بالدين، وندفع قولهم بقول الله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإنسَانِ إلا مَا سَعَى}[النجم: ٣٩] وبقول رسول الله ÷: «الأعمال بالنيات، وإنما لأمرئ ما نوى»، فإن قاسوا على المغمى عليه قلنا: إن المغمى عليه قد سعى ونوى وأما تشبيهه بالدين في قوله ÷: «فدين الله أولى» يدل على أنه قد أوصى به، لأن الحج قد كان دينا عليه في ذمته فلا ينتقل إلى ماله إلا بالوصية، فإن قيل: إنه إذا مات وفي ذمته دين لأدمي انتقل إلى ماله، وإن لم يوص قلنا: ليس حق الله تعالى مثل حق الآدمي يفوته غريمه فتعوض في ماله، والله تعالى لا يفوته عبده ألا ترى أنه لو مات العبد وقد وجب عليه الحد ولم يحد أن الحد لا ينتقل إلى ماله وهو حق الله كالحج.
  قال المؤيد بالله قدس الله روحه: وتصح الإجازة عنه تخريجا لقول يحيى # فيمن مات وعليه اعتكاف أنه يستأجر من يعتكف عنه. وقال قدس الله روحه: كنا خرجنا من الموضع الذي ذكرناه ثم وجدنا
(١) شرح التجريد (خ) للإمام المؤيد بالله #، سنن الترمذي: ٣/ ٢٣٢، سنن البيهقي الكبرى: ٧/ ٨٩، معتصر المختصر: ١/ ١٩٠، مسند أحمد: ١/ ٣٢٩، مسند أبي يعلى: ١/ ٢٦٤، ٤١٣.