أصول الأحكام الجامع لأدلة الحلال والحرام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

من كتاب البيوع

صفحة 866 - الجزء 2

  لقول النبي ÷: «لا بأس ببيع الفرس بالأفراس، والنجيبة بالإبل، إذا كان يداً بيد» فعلى هذا يجوز بيع ثوب بثوبين، وكذلك بيع كل جنس بجنسه إذا انفرد، ولم يكونا مكيلين ولا موزونين يجوز التفاضل ويحرم النسأ، كرمانة برمانتين وسفرجلة بسفرجلتين، وأشباه ذلك، والمعتبر بكيل الشيء أو وزنه بعادة البلدان، وما يعرف من حالها، لأن الشرع تابع للعرف⁣(⁣١).

  وكما أنه يرجع في الأيمان إلى العرف، وقال أبو حنيفة: مثل ذلك إلا فيما كان يكال في المدينة أو يوزن.

  ودلت الأخبار على أن الوزن مثل الكيل لقول النبي ÷: «وكذلك الميزان». وقال الشافعي: يجوز بيع الثوب بجنسه نسأ، وقول أبي حنيفة: مثل قولنا.

  فإن قيل: فقد روي عن رسول الله ÷ أنه نهى عن بيع الطعام بالطعام إلا مثلاً بمثل⁣(⁣٢)، فدل على أن العلة هي الأكل.

  قلنا: هذا يخص جنساً واحداً من الطعام، وقد روي أن طعامهم


(١) فصل نص رسول الله ÷ على التفاضل كيلاً فهو كيل، وإن ترك الناس الكيل فيه مثل الحنطة والشعير والتمر والملح. قال: وكلما نص على تحريمه وزناً، فهو موزون أبداً. قال: وما لم ينص عليه فهو محمول على عادة الناس، هذا من كلام الحنفية مرادهم يذكر أن الأشياء التي استقر الشرع عليها من الرسول ÷ وهي الستة الأشياء المذكورة لا يعتبر فيها بعادة البلدان، وإنما يعتبر عادة البلدان فيما لم يكن فيه نص منه ÷ فأما ما نص عليه فلو اعتبر فيه العادة وكان مخالفا لنصه فلا يجوز العدول عن النص إلى ما هو دونه والله أعلم.

(٢) أخرجه الإمام المؤيد بالله # في شرح التجريد (خ) وورد بلفظ: «الطعام بالطعام مثلاً بمثل» في صحيح ابن حبان: ١١/ ٣٨٥، ومسلم: ٣/ ١٢١٤، سنن البيهقي الكبرى: ٥/ ٢٨٣، ٢٨٥، سنن الدارقطني: ٣/ ٢٤، شرح معاني الآثار: ٤/ ٣.