من كتاب الطهارة
  لنا: حَمَل قوم هذا الخبر على أنه إذا بلغ قلتين لم ينجسه شيء، واحتجوا بظاهر هذا الخبر، وبأخبار غيرها مختلفة توجب ضعف الأسانيد، منها: الاختلاف في أسماء الرواة(١) ومنها: الاختلاف في الخبر، لأن منهم من قال قلتين، ومنهم من قال قلة أو قلتين، ومنهم من قال: ثلاث، ومنهم من قال أربعين قلة، ولأن القِلال مختلفة، وقالوا، أو بعضهم: بقلال هجر(٢)، وقلال هجر مختلفة، وعندنا أن الخبر إن صح(٣) فمعناه أنه يضعف من أن يحمل الخبث، وأنه ÷ أراد أن الماء إذا بلغ قلتين في القِلَّة والنزارة فهو يضعف من أن يحمل الخبث، ويدل على صحة ماذهبنا إليه الخبر في الماء الراكد.
(١) حيث قال بعضهم: قال محمد بن عباد بن جعفر بن الزبير، وبعضهم قال: قال محمد بن جعفر، وبعضهم قال: قال عبدالله بن عبدالله، ومنهم: ما قال عبدالله بن عبدالله، فدل ذلك على الاضطراب، وأنه لم يضبط حق الضبط.
(٢) هَجَر: بلدة كانت قرب المدينة المشرفة إليها تنسب القلال الهجرية، انظر تاج العروس: [١٤/ ٤٠٦].
(٣) قال السيد العلامة صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير |: (ويمكن أن يقال إن صح الخبر فمعناه: إن الماء إذا كان قلتين لا يحمل خبثاً إن ظن كثرته، فالكثرة علة ظاهرة منضبطة، والقلتان مظنة لها، وأحكام العلل الظاهرة المنضبطة تُنَاط بالعلل لا بمظانها، وإنما تُنَاط بمظانها حيث تكون العلل خفية، كالعمديَّة التي هي أمر قلبي موجب للقصاص في بعض الأحوال. أو حيث تكون العلة غير منضبطة كالمشقة التي هي علة القصر في السفر، فإنها لما كانت غير منضبطة نِيْطَ الحكم [الذي هو القصر] - بمظنتها، وهو السفر، وإذا تقرر ذلك كان الحكم - وهو قوله ÷: (لم يحمل خبثاً) - منوطاً بعلته الظاهرة وهي الكثرة، ومع انتفائها ينتفي الحكم، ويُحْكم بنجاسة الماء، وإن كان قلتين، ولا يناط بالمظنة، وهي القلتان مع انتفاء العلة، إذ لا يناط الحكم بها مع فقد العلة إلا في هذين الموضعين المذكورين أولاً، وليست العلة هنا من أيّهما حتى يناط الحكم بالمظنة) - [انظر الفلك الدوّار: ٢٦٣]، وقريب من هذا قول الإمام المؤيد بالله # في شرح التجريد (خ).