من كتاب البيوع
  بقولهم وردهم عليه: {قَالُوا يَاشُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ}[هود: ٨٧] فبين أنهم نُهوا عما كانوا يفعلون في الكيل والوزن على وجه التراضي. وقول النبي ÷: «بيعوا الحنطة بالشعير كيف شئتم يداً بيدٍ»(١). يدل على أن الحنطة مع تنوعها جنس واحد، وكذلك سائر الأجناس، وهذا الخبر يحجج مالكاً لأنه ذهب إلى أنه لا يجوز بيع الشعير بالبر متفاضلاً، وجميع العلماء يخالفونه في ذلك.
  قال يحيى #: ولا بأس ببيع الحيوان بحيوان(٢) مثله. أو خلافه مع نقد يداً بيدٍ. والمراد بقوله: يداً بيد الحيوان فأما النقد الزائد على الحيوان فإنه يجوز أن يكون نسأً؛ لأنه ليس من جنس الحيوان، والأصول تدل على ذلك، وقوله #: لا يجوز بيع حيوان بحيوان من غير جنسه نسأً، لكثرة تفاوته واختلافه كما قال في السلم، وبه قال أبو حنيفة، وقال: لا يثبت الحيوان في الذمة، وكذلك عندنا، وقال أصحابه: لا يثبت في الذمة إلا في ثلاثة: في المهور، والزكاة، والدّية، وذهب الشافعي إلى جواز ذلك.
  ١٧٥٨ - خبر: وعن الهادي إلى الحق # قال: «نهى رسول الله ÷ عن بيع اللحم بالحيوان»(٣).
  دل على أن بيع اللحم باللحم على قياس ما تقدم، وأنه إذا اجتمع
(١) أخرجه الإمام المؤيد بالله # في شرح التجريد (خ)، والترمذي: ٣/ ٥٤١، وابن عبد البر: ٤/ ٨٩.
(٢) في (أ): بدون: بحيوان.
(٣) الأحكام للإمام الهادي #: ج ٢/ ٦٤.