وباب من تجب عليه الشفعة وكيفية وجوبها
  دلت هذه الأخبار على وجوب الشفعة للشريك في كل ما يباع من أرضٍ، ودارٍ، وعروض، وحيوان، وذهب الشافعي إلى أن ما لا تتأتى فيه القسمة كالحمّام والرحى والعبد لا شفعة فيه، وقول أبي حنيفة وأصحابه مثل قولنا: إن فيه الشفعة.
  وجه قولنا: ما تقدم وإجماع العلماء أن الشفعة جعلت لدفع الأذى(١)، وذلك فيما لا تتأتى فيه القسمة أشد مما تتأتى فيه القسمة، ودل قوله ÷: «الشفعة في كل شرك» على أن الشريك في الشرب أولى من الشريك في الطريق، وكل من أثبت الشفعة بالجوار لا يخالف في أن الشرب والطريق أولى من الجوار، والأصل فيه قول النبي ÷: «الشريك شفيع والشفعة في كل شيء» ولا خلاف أنه لا شفعة للجار إذا لم يكن ملازقاً، وأبو حنيفة وأصحابه يقدمون الشرب والطريق على الجوار إلا أنهم يساوون بين الشرب والطريق، ونحن نقدم الشرب؛ لأنه يجمع حقين حق الماء وحق المجرى، ولأنه خليط في بعض المبيع وهو الشرب فهو آكد من الطريق الذي ليس فيه إلا حق الاستطراق، ولا خلاف أنه لا شفعة لأحد مع الشريك في الأصل، لأنه أخص بالمبيع(٢)، وكذلك أن الشريك في الماء أخص من الشريك في الطريق.
  ١٨٢٣ - خبر: وعن عطاء، عن جابر قال: قال رسول الله ÷: «الجار أحق بشفعة جاره، ينتظر بها وإن كان غائباً إذا كان
(١) في (ب): لدفع الضرر والأذى.
(٢) في (أ): بالبيع.