من كتاب الشفعة
  شفعة للذمي في العبد المسلم، وقول النبي ÷: «الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائباً» يدل على أن الصبي إذا بلغ والغائب إذا حضر فلهما الشفعة إلا أن يثبت للحاكم عدمهما، أو يكون أبو الصبي أو وصيه ترك شفعته لغبطة(١) أو عدمه(٢)، فإذا ادَّعى أن وليه ترك شفعته لغير غبطة فعليه البينة أعني الصبي، لأن عقود المسلمين تقتضي الصحة ما لم يتبين خلافها، وقلنا: إذا ثبت عند الحاكم عدم الشفيع لم يحكم له بشفعة، لأنه لا يعرض ماله إلى التوى(٣).
  قال يحيى #: والشفعة على عدد الرؤوس لا على الأنصبة، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، والشافعي في أحد قوليه، وقال في قوله الآخر: إنها على قدر الأنصبة.
  وجه قولنا: إن صاحب النصيب القليل يستحق الشفعة إذا انفرد فوجب أن يكون في الشفعة هو وصاحب الكثير سواء، ألا ترى أن مدعي الشيء لو أتى أحدهما بشاهدين فأتى الآخر بأربعة أنه يحكم لهما به نصفين، وكذلك من جرح جراحة واحدة والآخر جراحات عدة فمات المجروح أن الدية تلزمهما على سواء، وكذلك لو(٤) أعتق نصيباً في العبد قليلاً وأعتق شريكه نصيباً أكثر من ذلك ولهما شريك لم يعتق أنه يقوم عليهما على سواء؛ فوجب أن تكون الشفعة كذلك.
(١) أي فقره.
(٢) أي مصلحته.
(٣) أي: الهلاك.
(٤) في (أ، ب، ج): (من).