أصول الأحكام الجامع لأدلة الحلال والحرام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

من كتاب الإجارات وما يصح منها وما يفسد

صفحة 940 - الجزء 1

  بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ}⁣[يوسف: ٧٢] فدل ذلك على أن الاستئجار كان في شرائعهم، وقال الله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}⁣[الطلاق: ٦] وهو إجماع الفقهاء يتوارثه الناس خلفاً عن سلف، والاستئجار هو بيع المنافع، فوجب أن يفسده ما يفسد البيع من الجهالات والغرر، وعلى هذا يجب أن تكون الأجرة معلومة لا خلاف في ذلك، فإذا وجب ذلك وجب أن يكون ما يقابله معلوماً، كأن يكري الأرض للزرع، والدار للسكنى، والرحى للطحن، ولا يلزم علم عدد من يسكن الدار ولا كم يطحن على الرحى، لأن ذلك يعسر ويتعذر، ويجب أن تكون المدة معلومة، ويكون انتهاؤها إلى وقت معلوم، وإن كان ابتداؤها غير معلوم لم يفسد، وكان من وقت وقوع العقد، هذا في الإجارة الصحيحة التي لا تنتقض إلا لعذر، فأما الإجارة الفاسدة فإنها تنتقض لعذر ولغير عذر، وللأجير أجرة مثله.

  ١٨٣٧ - خبر: وعن النبي ÷ أنه قال: «المؤمنون عند شروطهم»⁣(⁣١).

  دل على أن الإجارة الصحيحة لا تنتقض إلا لعذر، وبه قال أبو حنيفة، وقال الشافعي: لا تنتقض للعذر.

  وجه قولنا: إنه لو استأجر رجل رجلاً يقلع له ضرسه، ثم عوفي أو استأجره على كيِّ بعض جسده فعوفي قبل الكيِّ، وقلع الضرس، أنه


(١) شرح معاني الآثار: ج ٤/ ٩٠، برقم (٥٨٤٨)، بلفظ: «المسلمون عند شروطهم».