من كتاب الغصوب
  بالاستهلاك، ولولا ذلك لأمر النبي ÷ بردِّها على مالكها، ودلَّ أيضاً على أنَّ من غصب بيضاً فحضنه أو نوىً فزرعه فنبت(١) أن الفراخ ونبات النخل يكون للغاصب، وأن للمغصوب منه قيمة النوى وقيمة البيض، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، وقال الشافعي: صاحب النوى أولى بما نبت، وصاحب البيض أولى بالفراخ، وبه قال الناصر # والوجه ما تقدم، ولأن الغاصب قد أزال أكثر منافع المغصوب، وزال عنه اسمه المطلق، وعلى هذا أن من غصب شعراً أو قطناً فنسجها كان ذلك استهلاكاً ولم يكن لصاحبه إلا قيمته، ووجهه ما تقدم، فأما إذا غصب النوى فأصلحه للعلف، فإن صاحبه يأخذه لأنه لم يذهب من منافعه إلا الزرع، فنقيس عليه القطن إذا غزل ولم ينسج.
  قال السيد المؤيد بالله قدس الله روحه: قال يحيى # في (الأحكام): إذا سرق مسلم من ذمي خمراً بحيث يجوز لهم أن يسكنوه، قطعت يده إذا سرق ما يساوي عشرة دارهم من الخمر، فأمره بالقطع وتقويمه إياها، يدلَّ على أنه يضمن الغاصب قيمته(٢)، وكذلك يجب أن يكون في الخنزير؛ إذ لم يفرق بينهما أحد، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، قال الشافعي: لا يضمن.
  وجه قولنا: إنَّهم عوهدوا على أن تكون أموالهم لهم أموالاً، فلو
(١) في (ج): فثبت.
(٢) في (أ، ب، ج): قيمتها.