من كتاب الحدود
  أنه كان يعزر في التعريض.
  دل على أن الحد لا يجب في التعريض، وفيه التعزير، وذهب مالك إلى أنه يجب فيه الحد.
  وجه قولنا: قول الله تعالى: {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ}[البقرة: ٢٣٥] ثم قال: {وَلَكِنْ لاَ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً}[البقرة: ٢٣٥] ففرَّق بين التعريض والتصريح، ولأن التعريض محتمل غير الرمي، وهو مثل قول الرجل للرجل: لست بزانٍ، أو كقوله: يتبين الزاني مني ومنك.
  فإن قيل: روي أن عمر أُتي برجلين تسابَّا فقال أحدهما للآخر: ما أنا بزانٍ ولا أمي بزانية، فاستشار عمر في ذلك فقال قائل: مدح نفسه وأمه، وقال آخرون: قد كان لأمه مدح غير هذا، نرى أن عليه الحد، فجلده عمر بثمانين جلدة(١).
  قلنا: في الخبر أنهم اختلفوا، فإذا اختلفوا وجب علينا أن نتبع الأصح وهو ما بينَّاه، ولا فرق عندنا بين الكناية والتصريح(٢)، والكناية: أن يقول رجل لرجل: لست ابن فلان الذي نسبت(٣) إليه، ولا خلاف في ذلك، وإن كان أصحاب أبي حنيفة خالفوا في العبارة دون المعنى فقالوا: لا حد في الكناية والتعريض، ثم نصوا على أن من قال:
(١) أخرجه الإمام المؤيد بالله # في شرح التجريد (خ) والبيهقي: ٨/ ٢٥٢، ومالك: ٢/ ٨٢٩.
(٢) في (أ): الصريح.
(٣) في (أ، ب): ينسب.