أصول الأحكام الجامع لأدلة الحلال والحرام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

من كتاب الحدود

صفحة 1091 - الجزء 1

  أنه كان يعزر في التعريض.

  دل على أن الحد لا يجب في التعريض، وفيه التعزير، وذهب مالك إلى أنه يجب فيه الحد.

  وجه قولنا: قول الله تعالى: {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ}⁣[البقرة: ٢٣٥] ثم قال: {وَلَكِنْ لاَ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً}⁣[البقرة: ٢٣٥] ففرَّق بين التعريض والتصريح، ولأن التعريض محتمل غير الرمي، وهو مثل قول الرجل للرجل: لست بزانٍ، أو كقوله: يتبين الزاني مني ومنك.

  فإن قيل: روي أن عمر أُتي برجلين تسابَّا فقال أحدهما للآخر: ما أنا بزانٍ ولا أمي بزانية، فاستشار عمر في ذلك فقال قائل: مدح نفسه وأمه، وقال آخرون: قد كان لأمه مدح غير هذا، نرى أن عليه الحد، فجلده عمر بثمانين جلدة⁣(⁣١).

  قلنا: في الخبر أنهم اختلفوا، فإذا اختلفوا وجب علينا أن نتبع الأصح وهو ما بينَّاه، ولا فرق عندنا بين الكناية والتصريح⁣(⁣٢)، والكناية: أن يقول رجل لرجل: لست ابن فلان الذي نسبت⁣(⁣٣) إليه، ولا خلاف في ذلك، وإن كان أصحاب أبي حنيفة خالفوا في العبارة دون المعنى فقالوا: لا حد في الكناية والتعريض، ثم نصوا على أن من قال:


(١) أخرجه الإمام المؤيد بالله # في شرح التجريد (خ) والبيهقي: ٨/ ٢٥٢، ومالك: ٢/ ٨٢٩.

(٢) في (أ): الصريح.

(٣) في (أ، ب): ينسب.