الفلك الدوار في علوم الحديث والآثار،

صارم الدين إبراهيم الوزير (المتوفى: 914 هـ)

[مقدمة المؤلف]

صفحة 5 - الجزء 1

  لتَرَتُّبه في الوقوع، {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ٢}⁣[الأنبياء]. المتنزه عن خلق أفعال العباد بأقسامها الأربعة: المباشرة، والمتولدة، و المبتدأة، و المخترعة، المفعولة بما وهب لهم من القدرة المتقدمة التي لا توجب المقدور، الصالحة للضدين كالإيمان والكفور، {وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ ٦٣}⁣[المؤمنون]، فتعالى عن كونها لقضائه المحكم، وقدره السابق المبرم، وما ورد في السمع من ذلك فهو بمعنى: (يعلم)؛ فعلمه تعالى بأفعال الخلائق سابق، ليس بمؤثر في إيجادها ولا سائق. المقدر للآجال والأرزاق، على مقتضى إرادته بالاتفاق، {ففَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ٣٤}⁣[الأعراف]، {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}⁣[هود: ٦]. الخالق لخلقه للتفضل عليهم والامتنان، بتعريضهم بالتكليف لنيل أرفع درجات الجنان، مع التمكين واللطف بلا طبع على قلوبهم ولا ختم يمنعان من الإيمان، وإنما هما علامة من الرحمن، على قلوب ذوي الكفر والطغيان، {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}⁣[الكهف: ٢٩]. المؤلم لهم بلا تناسخ ولا إنكار، كما زعم ذلك بعض الكفار، بل لأجل الاستحقاق والعوض والاعتبار. المميت لهم بعد الحياة اختياراً لاطبعاً. المعيد لهم للإثابة عقلاً و شرعاً، وللعقاب سمعاً.