مجموع كتب ورسائل الإمام الأعظم أمير المؤمنين زيد بن علي (ع)،

الإمام زيد بن علي (المتوفى: 122 هـ)

الرسالة المدنية

صفحة 316 - الجزء 1

  * وكتبت تسألني عن الفِرَق⁣(⁣١) في سلطانهم، فالذي آخذ به لنفسي أن لا أكَثِّر لهم سواداً، وأن لا أكمِّل لهم صفاً، فإذا ابتليت بذلك، فكن أمة وحدك، فما أهلك الناس إلا إتباع الرؤوس المبتدعين في دين اللّه، ما بالك والقدوة في الشر، فإنه لا قدوة إلا في الخير وأهل الخير، ولا تنظر إلى الرجال ولكن أنظر إلى أعمالهم، واعتبر أعمالهم بالكتاب، وأعرض آثارهم على القرآن، فإن رأيتها متبعة للقرآن فالعاملون بها هداة، وإن رأيتها مفارقة للقرآن فالعاملون بها ضُلاَّل، فاحفظ حفظك اللّه ما كتبت إليك، فإن الموعظ والواعظ مشتركان في الخير.

  * وكتبت تسألني عن رواة الصحابة للأثار عن الرسول ÷، وقلت: إنك قد نظرت في روايتهم فرأيت فيها ما يخالف الحق. فاعلم يرحمك اللّه أنه ما ذهب نبي قط من بين أمته إلا وقد أثبت اللّه حججه عليهم، لئلا تبطل حجج اللّه وبَيِّناته، فما كان من بدعة وضلالة فإنما هو من الحَدَث الذي كان من بعده، وإنه يكذب على الأنبياء À وسلامه.

  وقد قال رسول اللّه ÷: «أعرضوا الحديث إذا سمعتموه على القرآن فما كان من القرآن فهو عني وأنا قلته، ومالم يكن على القرآن فليس عني ولم أقله، وأنا برئ منه»⁣(⁣٢).

  وعليك بعلي بن أبي طالب ~ وسلامه، فإنه كان باب حكمة


(١) لعلها بمعنى الأعمال والسلطات المتفرقة مع الظلمة والدخول فيها.

(٢) خبر العرض على الكتاب: رواه الإمام الهادي إلى الحق في كتاب السنة، والإمام أبو الفتح الديلمي في البرهان، والطبراني في الكبير عن ثوبان (٢/ ٩٧) رقم (١٤٢٩)، والهيثمي عنه (١/ ١٧٠)، والسيوطي في الجامع الصغير عن ابن عمر (١/ ٧٤) رقم (١١٥١)، وهو يدل على صحته بنفسه بدون نظر إلى رواته؛ لأن في أول الحديث: «سيكذب عليّ كما كذب على الأنبياء من قبلي؛ فما أتاكم عني فاعرضوه ... إلخ».