الرسالة المدنية
  * وذكرت في كتابك: أن قوماً يقولون: الإيمان قول باللسان، وإن الفرائض ليست من الإيمان. وإنما يؤدي إلى اللّه فرائضه المؤمنون، والإيمان مبني على دعائم وشعب، وللإيمان أول ووسط وآخر.
  فأول الإيمان: ما كلف اللّه هذه الأمة من الإيمان، والإقرار به، وبرسوله ÷ قولا، ثم جاءت الفرائض فكانت بعد ذلك الشاهدة(١)، ثم آخر ذلك أن تخرج النفسُ مؤقنةً مُطمئنةً مُصدِّقةً بما كانت عليه أيام حياتها، وقد قال رسول اللّه ÷: «لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا إيمان لمن نكث عهده، ولا إيمان لمن تعَرَّب بعد هجرته».
  قيل يا رسول اللّه: وكيف التعرب بعد الهجرة؟
  قال ~ وعلى آله: «ينكر ما كان عليه معي بعد وفاتي».
  وقال اللّه ø في كتابه: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}[آل عمران: ١٤٤]، والشاكرين: هم الذين اتبعوه على أمره، وكانوا عليه حتى توفاهم اللّه وهم على ذلك.
  * وذكرت أمر السامرية الذين قالوا: لا قتال، كما قال إخوانهم من قبلهم: لا مساس، فلو كان من رسول اللّه ÷ إلى أمير المؤمنين أمر في ذلك لأمضاه(٢)، فأنا أوقفهم ولا أجاهدهم كصنع أمير المؤمنين في سلفهم: سعد(٣)،
(١) في نسخة: المشاهدة.
(٢) أي: لوكان رسول الله ÷ قد أمر عليا # بقتال المتوقفين والمتخلفين عنه لقاتلهم كما قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين حين أمره رسول الله ÷ بذلك.
(٣) سعد بن أبي وقاص بن مالك بن أهيب القرشي الزهري المكي، أبو إسحاق، أسلم قبل فرض =