مجموع رسائل الإمام المهدي محمد بن القاسم الحسيني،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[حول الإرجاء وحديث سورة الصمد]

صفحة 173 - الجزء 1

  ويحتمل أن التقييد بها ليس باستثناء حقيقة بل هو لتعليم التأديب، كما في قوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًاإِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ}⁣[الكهف/٢٤ - ٢٣]، ولهذا دخلت في سياق أهل الجنة، مع أنه لا قائل باستثناء أحد منهم.

  وفي قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا}⁣[النساء/٤٨]، المراد بهم أهل الصغائر، لأنها قد أفادت أن ما عدا الشرك فمنهم من يشاء تعذيبه ومنهم من لا يشاء، وكل دليل من أدلة الإرجاء محتمل، والمقام مقام بيان في مسألة قطعية، لو جوزنا التشكيك فيها لزم عنه التلبيس في أمر الدين، وناقض قوله تعالى: {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ}⁣[الأنعام/٣٨]، {تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ}⁣[النحل/٨٩]، والوعيد من اللّه إخبار، وهو لا يجوز تخلفه من الحكيم تعالى.

  والأصل الثاني: أن الكتاب والعترة لا يختلفان، لما تقرر من الأدلة أن الحق معهم، وأنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، وأنهم تراجمة الكتاب، وحماته وورثته، والأدلة في ذلك واسعة بالغة حد القطع، ليس هذا موضع ذكرها، وقد تقرر في مسائل الفروع أن كل مجتهد مصيب، أو المخطئ معذور، على اختلاف المذهبين، وتقرر أيضاً أن الحق في أصول الدين مع واحد والمخالف مخطئ غير معذور.

  إذا تقرر هذا فنقول: الروايات المشهورة عن أئمتنا $ في كتب الأصول وغيرها الاطباق على أن صاحب الكبيرة إذا مات غير تائب فهو يستحق العذاب الدائم لا محالة، وهو الذي يجب حمل أقوالهم عليه، ورد ما شذ عنه إليه، لأنه قد تقرر أن هذه المسألة من أمهات مسائل أصول الدين، وتقرر