هذه هي سيدة نساء رب العالمين، سيدة نساء الدنيا والأخرى، الصائمة القائمة العابدة، تطحن حتى مَجِلتْ يداها، ثم تتصدق بطعامها على المسكين واليتيم والأسير، وتبيت مع زوجها وابنيها وأهل بيتها خاوية طاوية الحشا في محرابها راضية مرضية، فينزل فيهم القرآن الكريم كرامة الدهر والأجيال، المعجزة الأبدية، والمفخرة السرمدية، {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}، وقال تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ٥ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ٦ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ٧ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ٨ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا}.

  وروى الطبري في ذخائر العقبى وغيره، واللفظ للطبري عن علي # قال: كانت فاطمة ابنة رسول الله ÷ أكرم أهله عليه، وكانت زوجتي فجّرت بالرحى حتى أثرت بيدها، واستقت بالقربة حتى أثرت في نحرها، وقَمَّتِ البيت حتى أغبرت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتى دنست ثيابها وأصابها من ذلك ضر.

  وعنه # أنه قال: لابن أم عبد ألا أحدثك عني وعن فاطمة بنت رسول الله ÷ وكانت أحب أهله إليه وكانت عندي: فجرت بالرحى حتى أثرت في يدها، واستقت بالقربة حتى أثرت في نحرها، وقَمَّت البيت حتى اغبرت ثيابها وأصابها من ذلك ضرر، فسمعنا أن رقيقاً أُتي بهم إلى النبي ÷ فقلت: لو أتيت أباك فسألته خادماً يكفيك، فأتته فوجدت عنده حُداثاً فاستحت فرجعت فغدا علينا ونحن في لِفاعنا فجلس عند رأسها فأدخلت رأسها في