مجموع رسائل الإمام المهدي محمد بن القاسم الحسيني،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

الباب الثالث في أمهات مسائل أصول الدين التي لا يعذر في جهلها أحد من المكلفين على سبيل الجملة والاختصار

صفحة 97 - الجزء 1

  معظم الوصاية في أمته ÷ - الذي هو أولى بهم من أنفسهم - وإقامة من يقوم مقامه منهم، إذ لا يجوز أن يتركهم هَمَلاً يضطربون ويختلفون، من دون أن يبين لهم من إليه يرجعون، وقد قال تعالى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}⁣[المائدة/٣]، وأين الكمال إذا تركهم محتارين مع علمه بأن الآراء لا تتفق، وأن القلوب لا تتحد، وأن الفتنة قد تنتشر - حاشا اللّه ورسوله -، بل قد تَرَكَنا على بيضاء واضحة، وغراء لائحة، ليلها كنهارها، وقد بين ما هو دون هذه المسألة بدُرجٍ بعيدة، فما ظنك في هذه المسألة التي هي من أمهات مسائل أصول الدين، وعليها تدور رحا الإسلام، والشرائع والأحكام، بل قد بينها أوفى بيان، ونوه بذكر خليفته الوصي # في كل أوان، في مواقف عديدة، ومدة مديدة، كقوله ÷: «وأبوهما خير منهما»، وكحديث العمامة، والراية، والرمانة، والطائر، والسطل، والعقيق، والكوكب، وقل هو اللّه أحد، وحديث «لو أن الغياض أقلام»، وخبر المؤاخاة، والأخبار الدالة على عصمته #، والخبر المروي في قوله تعالى {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}⁣[الشعراء/٢١٤]، وقصة براءة، وفتح خيبر، والموراثة، والأخبار الدالة على أنه سيد العرب، وأنه خلق من نور النبي ÷، «وعلي مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي»، وحديث المناشدة، وأحاديث الإثني عشر من الصحابة، وغير ذلك.

  وإن من الأدلة على إمامته # بعد رسول اللّه ÷ بلا فصل: ما تواتر معنى من الأخبار المصرحة بالإمامة من رواية الموالف والمخالف، ما لا تسعه هذه الأوراق، وإن تعامى عنه من تعامى:

  وليس يصح في الأفهام شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل

  وقد سبقت الإشارة إلى شيءٍ من ذلك، وناهيك أنه # في محاسن أخلاقه وخلائقه، وفواضله وفضائله، قد فاق الكل من الصحابة، كما قال الشاعر: