[معاني القضاء في اللغة]
  فإن قلنا: نعم، لزمنا - زعم - أن يكون خبر الله الذي خبّر به بني إسرائيل باطلاً، لأنهم كانوا يستطيعون أن لا يكون منهم ما أخبر الله أنه كائن منهم، فهم يستطيعون أن يكون خبره باطلاً وكذبا، وهذا قول – زعم - عظيم، يريد به الشنعة علينا، لجهله بعدل الله ø، ونحن نقول: إن علم الله ø لم يُدخلهم في معصية، ولم يخرجهم من طاعة، ولم يعاقبوا على تصريف العلم، ولا سمعوه ø قال في شيء من كتابه، ولا على لسان نبيه صلى الله عليه وعلى آله للكفار: ادخلوا النار با علمتُ منكم، ولا للمؤمنين: ادخلوا الجنة بها علمت منكم، وإنها قال للفريقين جميعا: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ١٧}[السجدة]، و {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ}[آل عمران: ١٨٢]، و بما قدمت {لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ}[يوسف: ١٨]، وإنّ ما علم الله فليس له خلاف إلا وهو يعلمه، لأن الأشياء لا تخلو من أحد أمرين:
  أحدهما: عَلِمَ ø أنه يكون.
  والآخر: عَلِمَ أنه لا يكون، فكلاهما قد علمه الله ø، عَلِمَ ما يكون أنه يكون، وعلم ما لا يكون أنه لا يكون، وليس غير هذين الوجهين اللذين علمهما ø، فأين الخلاف لما عَلِمَ، هل تجد هاهنا خلافاً لما علم، فأَنعِم النظر في هذه، فإنها حجة قاطعة، وإن العباد يقدرون أن لا يعلم الله منهم المعاصي، ويقدرون أن يعلم منهم الخير، وليس تحوُلهم مما كره يُفسد عِلْمَه، لأنه أمرهم أن لا يكون منهم ما علم، ولو كان ذلك يُفسد علمه ما افترض عليهم الخروج من المعاصي.
  الا ترى أنه قد علم أن منهم من يعبد الأصنام، ثم قال لهم: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}[النساء: ٣٦]، وجعل لهم الطاقة والسبيل على ترك ذلك، والرجوع إلى ما يرضيه، فلم يفعل ذلك كثير من الناس، فليس ما ندب الله ø