[إلزام لا مفر منه]
  إليه من الطاعة يُفسد علمه إذا تركوا المعصية، لأنه قد افترض عليهم الخروج من معاصيه، ولم يفترض عليهم الخروج من علمه، أنت مُقرّ لنا بذلك، لأنك تعلم وتعتقد أن الله ø قد افترض على الخلق أن لا يكون منهم معصية، ولم يفترض عليهم أن يخرجوا من علمه حتى لا يعلمهم ولا ما عملوا، هذا هو الحال.
  وإذا خرجوا من المعاصي علم بذلك وهو الذي أراد منهم، وإذا أقاموا على المعاصي علم بذلك وهو الذي كره منهم. فلا تُلزموا الله ø فعل الظالمين، ولا جور الجائرين، ولا شرك المشركين، لأنه بريء من ذلك كله سبحانه، وهو العلي العظيم، والشاهد على ذلك، قوله ø: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ}[التوبة: ٣]، فلا تجده هاهنا برئ من شيء من جميع أمورهم إلا من أعمالهم. وأنت تُلزمه ø ما برئ منه، فلا يبعد الله إلا من ظلم، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ٢٢٧}[الشعراء].
[إلزام لا مفر منه]
  والله ø لم يكلف العباد الخروج من علمه، لأن العلم ينتقل بتنقُّل الأفعال كيفما تنقّل العباد، فالله ø يعلمه ولا يدخل بذلك عليه فساد في علم ولا غيره، وإنما يُدخِل الفسادَ في حكمه - على قَوَد قولكم وفي مذهبكم أيها المجبرة - أن يكون الله ø علم من قوم أنهم لا يؤمنون، ثم أرسل إليهم رسولاً قاصداً، يأمرهم بالدخول في الإيمان، فإن أبوا خلّدهم في النار أبد الأبد، وقد علم