مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[إلزام لا مفر منه]

صفحة 155 - الجزء 1

  - الله تعالى أنه قد حال بينهم وبين الإيمان، فسبحان الله العظيم، هذا أعظم الجور!

  والدليل على ذلك أن ليس لحال العلم عُذِّبوا، ولا لحاله كَذَبوا، ولا لحاله أشركوا وامتنعوا من الطاعة، ولا لحاله قتلوا الرسل وأئمة الهدى $.

  ومثل ذلك لو أن رجلاً كان باليمن وله ابن صغير مع أمه، ثم إن الرجل خرج مسافراً حتى وصل إلى أقصى خراسان، فأقام به مدة من دهره، وتزوج بها امرأة، فأقامت معه وولدت له بنتاً، ثم إنه مات وترك البنت بخراسان، ثم إن ابنه الذي باليمن نشأ وبلغ مبالغ الرجال، فخرج يطلب التجاة وليس له علم بأبيه ولا اين مات ولا ما أحدث، حتى وصل إلى خراسان وليس له علم أن لأبيه ولداً غيره، فأقام وقتاً، ثم طلب زوجة، فوصف له الناس أن عندهم امرأة ابنة لرجل غريب مات وتركها، فخطبها الرجل وتزوجها، ودخلت عليه، فأقامت معه سبعين سنة، وولدت له عشرين ولداً، وهو لا يعلم أنها أخته، ولا تعلم هي أنه أخوها. فعند ذلك نقول لكم: أليس قد علم الله أنها أخته؟!

  فلا بد من نعم!

  فإذا أقررتم بذلك قلنا لكم: فهل عليه عقوبة من الله سبحانه، أو عليه ذنب، أو حدّ؟ او هل يُلزمه الله جل ثناؤه حجةً بما علم الله ø من مقامه ينكح اخته سبعين سنة، وما ولدت له من الأولاد؟

  فإن قالوا: نعم، تلزمه الحجة وتجب عليه النار، بما علم الله ø منه، كذّبهم جميع أهل الإسلام، وكفروا في قولهم: إن الله ø إنما يعذب على ما علم، إذ ليس في القرآن آية واحدة تدل على أن الله ø يعذب العباد على علمه.