[شبهة لو شاء الله لآمن الناس كلهم]
  وأما قولك: أفليس لم يرد الله أن يؤمنوا؟
  فإن قلنا: - زعمتَ - بلى.
  قلت لنا: فقد أقررنا بأن الله لم يرد أن يؤمن الناس جميعا، ولم يرد أن يجعل ذلك للكفار فيكفروا جميعا؟
  فإن قلنا: - زعمتَ - نعم.
  قلت لنا: إن ذلك قولك وقول أصحابك، إن الله لم يرد أن يؤمنوا جميعا، ولم يرد أن يكفروا جميعا، لأنه - زعمت - قد علم أن منهم من يكفر، ومنهم من يؤمن، فلم يرد أن يكون ما علم على غير ما علم، ولا أن يكون من العباد ما لا يعلم أنه كائن منهم.
  قال أحمد بن يحيى @: فثبت بذاك لقد هلكتَ واهلكتَ - يا عبد الله بن يزيد البغدادي - مَن قَبِل عنك جهلك وجَبْرَك، وخطأك وفريتك على خالقك، ولم تدبّر كتابه، ولم تعرف محكمَه من متشابهه، ولا الشافي الكافي من معانيه الدالة على عدله، والبراءة له من أفعال خلقه، والنزاهة عن ظلمهم، والقضاء بالفساد عليهم، والبعد والتقدس عن القول الخَطَل، الذي ينقض بعضه بعضاً، جل ثناؤه وحاشاه عن ذلك، وعلا علوًّا كبيرا!
  ألا تسمع أيها المهلك لنفسه، ولمن اتبعه من إخوانه، كيف قال ø لنبيه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}[الأعراف: ١٥٨]، وقوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦}[الذاريات]، وقوله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ}[الأنفال: ٣٩]، فهذا