[هل أراد الله أن يؤمن الناس جميعا]
  [هل أراد الله من الكفار أن لا يؤمنوا]؟
  وقولك يا عبد الله بن يزيد البغدادي: إن الله أراد أن لا يؤمن الكفار لعلمه أنهم لا يؤمنون، وأنه لو أراد أن يؤمنوا لكانت تلك الارادة تُبطل علمَه، فلذلك لم يُرِد منهم الإيمان - زعمتَ - وأنه يجبُّ في قولنا أن يكون بصفة المخلوقين - زعمتَ - فنحن نسألك الآن عن هؤلاء العباد الذين علم الله ø أنهم لا يؤمنون، هل أمرهم الله ø وافترض عليهم أن يكون منهم الإيمان أم لا؟!
  فإن قلت: لم يأمرهم الله بالإيمان، كفرت بأمر الله، وأبطلت كتابه، حيث يقول: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ١٧٠}[النساء]، وقوله: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ١٥٨}[الأعراف]، مع آيات كثيرة يطول شرحها، مع إكذاب أهل الصلاة كلهم لك.
  وإن أقررت أن الله ø أمرهم أن يكون منهم الإيمان، لزمك في قولك و من دان بدينك، أن الله ø قد أمرهم أن يجهّلوه، في قولكم وبزعمكم وعلى مذهبكم، إذ أمرهم أن يكون منهم غير ما يعلم، ويَدخُل عليك ويلزمك في قولك أن الله ø يعبث، لقولك: إن الله تعالى أراد ممن يعصي من عباده أن يعصوه، ولم يُرِدْ أن يطيعوه، وأنت مقرّ لنا بأن الله ø قد أمر الذين أراد منهم المعصية أن يكون منهم الطاعة، ولا يكون منهم المعصية، فقد أمرهم - بزعمك - يا عبد الله بن يزيد أن يكون منهم ما لا يريد الله، وتقر بأنه قد نهاهم أن يفعلوا ما يريد، وغضب عليهم وعذّبهم بالنيران، وخلّدهم بين أطباق أدراك جنهم، في عذاب