مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[هل أراد الله أن يؤمن الناس جميعا]

صفحة 73 - الجزء 1

  الأبد السرمد الذي لا ينقطع، إذ لم يتحوّلوا عمَّا يريد ويحب ويرضى ويشاء ويخلق، إلى ما لا يريد ولا يحب ولا يرضى، ولا يشاء ولا يخلق.

  فزعمتَ أنه يأمر بما لا يريد، وينهى عما يريد، وقد أعلمنا الله ø أنه حكيم عادل، حسن الفعل، لا يليق به العبث ولا الجور، ولا الظلم لأحدٍ من خلقه، ولا يُخلِف وعده ولا وعيده، وقد علم أهل العقول والألباب أن الذي يأمر بما لا يريد، وينهى عما يريد، عبَّاث غير حكيم ولا عدل، فكيف يضاف إليه ø فعل من يعبث؟! وهو تبارك وتعالى لا يعبث ولا يجور، فسميتموه باسم الجَوَرَة، وأسندتم إليه فعل الظلمة، عزّ عن ذلك العليم الحكيم!

  ونسألك أيضا يا عبد الله بن يزيد عن هؤلاء القوم الذين علم الله ø أنهم سوف يكفرون، أليس قد أمرهم بترك ما علم أنه سيكون منهم من الكفر والشرك، والضلالة والظلم؟!

  فإن قلت: لا، كفرت بأمر الله سبحانه، وبما افترض من الإيمان في كتابه، وبما أرسل به الرسل، من الأمر بطاعته، والنهي عن معصيته، وما ذكرنا من الآيتين.

  وإن قلت: نعم، لزمك لنا في قولك، ووجب عليك في دعواك، أن الله جل ثناؤه قد أمرهم وافترض عليهم رَدَّ علمِه وإبطاله، إذ زعمتَ أن المعلوم منهم هو العلم السابق من الله تبارك وتعالى بالأشياء قبل أن تكون، وقد كذبتَ عليه، ليس الأمر على ما قلتَ، ولكن العلم من الله ø بالذنوب غير الذنوب، والعلم من الله ø محيط بالذنوب وأهلها، والأشياء كلها ليست محيطةٌ بالعلم، وإنما افترض