[هل أمر الله فرعون بالايان]
  الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ٩٠}[مريم]، أمن قضائه وقدره ومشيئته وإرادته وخلقه لقول عباده وفعلهم - زعمت - أم مِن كفر الكفار وشركهم وفريتهم على الله؟!
  فإن قلت: ذلك من إرادة الله وقضائه ومحبته، لزمك أن السماوات والأرض والجبال أردن التفطّر والانهداد والانشقاق من قضاء ربهن وقدره وإرادته.
  وإن قلت غير ذلك، فزعمت أنهن غضبن من قول الكفار وفريتهم على الله جل ثناؤه، رجعتَ عن قولك وصرت إلى قولنا بالعدل.
  ونسأل عبد الله بن يزيد البغدادي عن علم الله ø قبل أن يخلق الخلق، هل علم أنه سيأمرهم بالخروج مما علم أنهم عاملون؟!
  فإن قال: نعم، قد علم أنه سيأمرهم بذلك.
  قلنا له: أمرهم بالخروج من ذنوبهم، أو الخروج من علمه؟
  فإن قال: أمرهم بالخروج من علمه، كفر بالله العظيم، وبانت فضيحته، إذ لا مَخرج لأحد من علم الله ø من جميع خلقه.
  وإن قال: أمرهم بالخروج من ذنوبهم، بطلت دعواه في العلم وفَلَجْنَاه، لأن الذنوب غير العلم، والذنوب من المعلوم، وبين العلم والمعلوم فرق عظيم، جهلَته القدرية المجبرة، وقد أمرهم الله تبارك وتعالى بإبطال المعلوم منهم، وليس في ذلك إبطال العلم الذي هو من صفات الذات ولا فساده، وانكسر على عبد الله بن يزيد البغدادي قوله، وبطلت دعواه وزعمه، أن فيها زخرف من كذبه وفريته على الله فضيحةَ أهل العدل، وأنهم لا يجدون ما قال مخرجاً زعم، وغلط الجاهل في دينه.
  فلينظر الآن أصحابه في جوابنا هذا، وليمعنوا النظر، وليتّقوا الله الذي إليه المعاد، ولا يكونوا من أهل الآية التي قال الله ø: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}[التوبة: ٣١]. فوالله ما صلوا للأحبار ولا للرهبان، ولكنهم