[شبهة في أطفال المسلمين والمشركين]
  أهل الجبر لها على نقض، فاتق الله وإياك أن تكون من الذين {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ٦٧ رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ٦٨}[الأحزاب]. فاسمع إلى تبرئهم منهم، ولعنهم إياهم بعد المودة في الدنيا، على الحمية والخطأ الذي أورثهم النار، {فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ٤١}[المؤمنون].
  وأما قولك: إنا نقول: إن أطفال المشركين مؤمنون، فليس ذلك قولنا لا نقول إنهم مؤمنون ولا كافرون، وإنما هم عباد الله سبحانه لم يأتهم رسول فكذبوه، ولم ينزل عليهم كتاب فجحدوه، ولم تلزمهم حجة فأعرضوا عنها، ولم يركبوا لله جل ثناؤه معصية، ولم يعملوا له طاعة، فأوجب الله ø الجنة برحمته لهم، وتفضله عليهم، إذ هو أهل الفضل والاحسان، وإذ لا جرم لهم، ولا ذنب عليهم، ولا حجة لزمتهم، فهذا هو العدل وهو الحق، وهو الأولى بالواحد الكريم.
  ورحمته ø قد بانت وصحت لهم في الدنيا قبل أن تجيء الآخرة، إذ لم يقتلهم بها وجب على آبائهم وأمهاتهم من الحدود والأحكام، ولم يقتل أمهاتهم بعد لزوم الحدود لهن، لحسن نظره هم ورحمته إياهم، حتى فطمنهم واستغنوا عنهن، فهذا أكبر دليل، وأصح قيل، لو لم يكن لهم ذكر في القرآن غير هذا لكفى، والحمد لله رب العالمين.