[هل يستطيع الخلق أن يفعلوا غير ما يعلم الله أنه كائن]
  فالجواب في ذلك بحول الله وقوته: إنا نسألكم عن حجة الله تبارك وتعالى على خلقه، أتامّة هي بالغة، أم ليست بتامة ولا بالغة؟!
  فإن قالوا: بلى، هي تامة بالغة.
  فقل لهم: ما تمامها وبلوغها، أليس وجود السبيل والاستطاعة إلى ما أمر الله ø به ودعا إليه، من الدخول في دينه، والإجابة لرسله، والاتّباع لكتبه؟!
  فإن قالوا: لا، تمامها وبلوغها بلا سبيل، ولا استطاعة إلى ما دعا الله ø إليه، ولا إلى ما أمر الله به، ولا إلى ما هي عنه، كفروا ولم يجدوا حجة، ودخل عليهم في قولهم أنها وعدُ خُلفٍ وغرور، وأنه دعاهم في زعمهم إلى شيء في العلانية، وحال بينهم وبينه في السر، فوصفوا الله جل ثناؤه بالصفة التي وصف بها المنافقين، وكفى بهذا كفراً!
  وقد علم الله ø أن الكفار يقولون: إنه ثالث ثلاثة، وإن له صاحبة وشركاء، وإن الملائكة بناته، وذلك قوله يردّ عليهم: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ١٩}[الزخرف]، فإذا كان قد علم هذا منهم، فَلِمَ افترض عليهم تركه، وقد علم أنهم لا يستطيعون أن يأتوا بغير ما علم منهم، فيلزمه أنه قد افترض عليهم الخروج مِن علمه، هذا يلزم في الحجة لا بد لهم منه.
  فإن قالوا بذلك، لزمهم أن للناس مخرجاً من علم الله جل وعزّ وتعالى، وهذا راس الشرك، وغاية العمى والجهل، وكفى بهذا كفراً!