[شبهة في قوله، {ونسوا حظا مما ذكروا به}]
[شبهة في قوله، {وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ}]
  وأما قوله ø: {وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ}[المائدة: ١٣]، فإن ذلك ليس بنسيان من وجه النسيان الذي يجب فيه العقاب، لأنه قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله أنه قال: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الطفل حتى يبلغ، وعن الناسي حتى يذكر»، وأما هذا النسيان الذي ذكر في القرآن فهو الترك تعمداً لا نسيان سهو، وذلك التعمد يجب على صاحبه العقاب، وهو نسيان الترك متعمدا، شاهد ذلك قوله ø: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ}[التوبة: ٦٧]، أي: تركوا أمر الله فتركهم من رحمته، والله ø لا ينسى ولا يؤاخذنا بالنسيان، إلا نسيان العمد الذي ذكرنا مما يجري في اللغة، فافهم هذه اللغة العربية التي جهلتها واحتججت فيها بأول الآية في قساوة قلوبهم، ولم تذكر أول القصة ولا آخرها، وجئت بالوسط في الآية، ورجوت أن تتعلق في الوسط بحرف تتفرج إليه وتتزين به عند أصحابك، وتفتري على الله ø فيه ما قد قلت. فانظر ما حلّ بك، والحمد لله الموضح لدينه، والمعزّ لكتابه، وهو القوي العزيز!
  وأما قولك: إنا سوف نحتج عليك في هذا الموضع بأن الله ø لم يُقَسِّ قلوبهم إلا با نقضوا من الميثاق، فذلك فعمرُ الله من أقوى حجج الله ø وحججنا عليك، لأن الله جل ثناؤه لم يأخذهم إلا بعد ظلمهم، ولم يحكم عليهم بقساوة القلوب إلا بعد ما اختاروا القساوة، وصدّوا عن الحق، والشاهد لنا على ذلك،